الاستبداد د عمر ايمان ابوبكر

الاستبداد

لما أردت أن أكتب مقالاً في موضوع الاستبداد بدأت أبحث عما كُتب في الموضوع من أجل أن أبني عليه تجنباً للتكرار، فنبدأ من حيث انتهى الآخرون، فوجدت أن الكتابات في هذا الموضوع شحيحة، وعزوتُ ذلك إلى أن الاستبداد كان هو السائد في عالمنا الإسلامي منذ قرون، لكني مع ذلك وجدت كتاباً فريداً في بابه سماه مؤلفه (طلائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) كتَبه عالم من علماء الأمة في زمانه، وهو العلامة عبد الرحمن الكواكبي السوري، فلما قرأته وجدته يعدل عشرات الكتب دون مبالغة، لهذا أنا أوصي الجميع بقراءته، والاستفادة منه لكن بما أن الكاتب كتب ذلك الكتاب قبل قرن من الزمن من الآن إذ تُوفي المُؤلِّف بداية القرن الماضي، وبالتحديد عام (1902م) فكانت الظروف يومها في العالم الإسلامي مختلفة عما هي عليه الآن، فكان وضع المسلمين أحسن بكثير مما هم عليه الآن.

 فالاستبداد الذي تحدث عنه العلامة الكواكبي هو الاستبداد الذي كان قبل احتلال الدول الغربية للعالم الإسلامي، وفي ذلك الوقت كانت الخلافة العثمانية قائمة في معظم حواضر العالم الإسلامي، وبقيت تلك الخلافةُ بعد وفاة المؤلف بربع قرن حيث انهارت في عام (1923م ). ومن ذلك التاريخ وقعت الأقطار الإسلامية تحت الاحتلال الغربي لأراضيها، فالاستبداد وإن كان موجوداً قبل الاحتلال لكنه لم يصل إلى المستوى الذي وصل إليه بعد خروج الاحتلال من البلاد، ولو أن الكواكبي حاضرٌ اليوم بيننا لاختلفت كتاباته عن الاستبداد عنها في ذلك الوقت.

وفي عهد الاحتلال ناضلتِ الشعوب المسلمة كغيرها من شعوب الأرض من أجل نيل حريتها، واستقلالها من العدوِّ الغربي، وبعد صراع مرير مع العدو تحررت معظمُ البلدان الإسلامية منتصف القرن الماضي، وكانت الشعوب تظن يومها أنها بذلك التحرير ستدخل في عصر جديد من الحرية، والاحترام، والرخاء ورغد العيش، ولكنها تفاجأت بما لم يكن في حسبانها لأن الاستقلال الذي نالته كان دون مستوى المأمول لأن معظم الذين تسلَّموا مقاليد الأمور في البلاد الإسلامية بعد الاستقلال حرموا الشعوب من العيش بكرامة في بلادهم بل عاملوها كأنها قُطعان من الأغنام في الحظائر.

 وبعد الاستقلال برز نظامان في الأقطار الإسلامية: جمهوري وملكي، فالنظام الملكي لا يحتاج إلى كثير بيان، فلفظه يدل على معناه، فالحاكم هو الملك، والبلد هو المملكة، وما عليها فهو مملوك للملك، فليس للشعب أن ينازع الملك في ملكه كما ليس له حق فيه إلا ما يتفضَّل به الملك عليه.

أما النظام الجمهور فهو في معظم عالمنا العربي والإسلامي نظام مبني على هوى الحاكم لا غير، فتسميته جمهورياً تسمية بلا مسمى لأن النظام الجمهوري عُرفاً هو الذي يُختار فيه الحاكم من قبل جمهور الناس، وهذا غير معمول به في أكثر بلداننا، فإن حصل فهو في معظمه صوري، ولك أن تُلقي نظرة على الرؤساء الذين حكموا البلدان الإسلامية إبَّان الاستقلال مباشرة، أوبعده بقليل،  ففي تونس تسلَّم مقاليد البلاد بعد استقلالها حبيب بورقيبة، وفي سوريا حافظ الأسد، وفي ليبيا القذافي، وفي إيران شاه إيران، وفي مصر جمال عبد الناصر، والقائمة تطول، فمتى كان للجمهور في تلك الأنظمة مشاركةٌ فعَّالة في اختيار الرئيس، بل معظمهم جاء عن طريق انقلابات كما هو معلوم لدى المتابعين.

ولم يكن لهؤلاء الحكام أي مرجعية يرجعون إليها في إدارة البلاد بل كانوا يعتمدون في كل شيء على هواهم، والنظام المبني على الهواء هو أسوأ نظام عرفته البشرية في تاريخها، وقد عانت منه أمم كثيرة في العهود الغابرة، ويتلخص مضمونه في قول الله فيما حكاه عن فرعون (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد).

وفي عهد هؤلاء الرؤساء ساءت حالةُ الأمة بعد الاستقلال عما كانت عليه قبل الاستقلال، فالمحتل كان أرحم بالشعب من بعض القادة بعد الاستقلال، لهذا أُصيبت الأمة بالإحباط واليأس إذلم تَجْنِ من صراعها مع المحتل غير الحنظل، ولم يكن لها من الأمر شيء، فكانت شؤونها تُدار بعقلية شخص ليس في قاموسه أنه يخطئ، وعلى الجميع في نظره أن يَذعنَ لذلك، وإلا، فيجب إيقافه عند حده بإنزال أكبر عقوبة عليه.

المستهدف في مثل هذه الكتابة

المستهدف في مثل هذه الكتابات هم الجماهير لقصد رفع وعيها         أما الحُكَّام، فلهم مصادرهم الخاصة التي يستقون منها معلوماتهم، فهم محاطون ببطانة تُحيط بهم من كل جهة كإحاطة السوار بالمعصم، فلا يُسمعونهم من الكلام إلا ما يسرُّهم، وينقلون إليهم من التقارير ما يصور لهم أن البلد كله ينعم بخيرٍ تحت ظل قيادتهم الرشيدة، والناس كلهم يحبونهم، ويدعون لهم بظهر الغيب، فإن قُدر لأحدهم يوماً المرور على جمهور الناس في المناسبات العامة، فإن سمع الرئيس صراخَ رجلٍ من ظلم، أو بكاءَ امرأة من جوعٍ، قالت له بطانته: إنهم حين رأوك لم يتمالكوا أنفسهم، فغلبهم البكاء من شدة محبتهم لك، فالبكاء الذي سمعته يا فخامة الرئيس هو بكاء فرح، وليس ببكاء شكوى، فيزداد بذلك فرحا ظناً منه أن ذلك هو الحقيقة، ولكثرة ما يسمع من المدح عليه يظن أنه إنسان فريد لم تَجُدْ بمثله الأقدار، ولا يزال ببعضهم الغرور بنفسه حتى ظن أنه خرج من البشرية، فحمله ذلك على ادعاء الألوهية قال فرعون: (ما علمت لكم من إله غيري).

ولا أزال أذكر حينما وصلتُ مُدَرِّساً إلى موريتاني تلك القصة التي أخبرني بها بعض الإخوة هناك، وقد حصلت أمام الملأ في وضح النهار، وكان رئيس البلاد وقتها هو معاوية ولد سيد الطايع، فأراد يوماً أن يختبر الناس ليعلم مدى تأييدهم له في تمديد رئاسته لفترة أخرى، فقال لهم: إنني لن أترشح لفترة أخرى، فانبرى له أحد الحضور قائلاً له: والله إني سأتقدم إلى المحكمة بالبلاغ عنك إذا لم تترشح لفترة أخرى فقال له الرئيس: ولم؟ فقال ذلك الرجل: لأنه لا يوجد في البلاد من يصلح لحكم البلاد إلا أنت، فعدم ترشحك لفترة أخرى هو خيانة وطنية، ففرح الرئيس بذلك، ولم يكن فرحُه بسكوت الجماهير عن الرد عليه بأقل من فرحه بقول ذلك الرجل، ولأجل ذلك تمكن ذلك الرئيس من البقاء على سدة الحكم لما يزيد على عشرين عاماً دون منافسة.

مشكلة الشعوب المتخلفة

الشعوب المتخلفة من مِيزَاتها أنها تنتظر من الطغاة أن يراجعوا أنفسهم في مسألة الاستبداد ليتراجعوا عنه رحمة بهم راجين أن يتفضلوا عليهم بالسماح لهم بالمشاركة في إدارة شؤون البلاد، وفي ذلك دلالةٌ على أنهم ليسوا مستعدين بالتضحية لمطالبة حقوقهم، بل إن مطالبة الحرية منهم على تلك الطريقة تشعرهم أنها (أي الحرية) ملك لهم إن أرادوا تصدقوا بها على الشعب، وإلا فما على المالك من ضير إن منع الناسَ مما هو من حقه الخاص، وبذلك استُبعدتِ الأمةُ عن المشاركة في بناء وطنها، بل أو جبوا عليها أن تكتفي بمشاهدة ما يجري في البلد دون أن يكون لها حق الاعتراض عليه، فكان حالها كحال قبيلة تيم التي قال عنها الشاعر: (ويُقضى الأمر حين تغيب تيم … ولا يُستأذنون وهم شهود)

فكان من نتيجة ذلك أن تخلفت الأمةُ عن غيرها من الأمم، فتآكلت من الداخل حتى صارت مطمعاً لكل الأعداء، فتكالبوا عليها تكالب الأكلة على قصعتها حتى احتلوا البلدان، ثم اقتسموا خيراتها أمام أعين أهلها كأيتام على مائدة اللئام.

 

تعريف الاستبداد

فالمستبدون وإن تباعدت أزمنتهم، واختلفت دياناتهم، وتفرقت أوطانهم إلا أن الذي يجمعهم هو اغترارهم بأنفسهم، واعتدادهم برأيهم، والترفع عن قبول قول الآخر هذا هوطبيعة الاستبداد في المستوى الشخصي.

وأما الاستبداد في مستوى الحكومات، فالذي يتلخص مما قالوا في تعريفه:  هو الحاكم المطلق، المتفرد بجميع السلطات، المالك لجميع موارد البلاد، القائد للجيش، الوحيد الذي له الأهلية للرئاسة باستحقاق، لسنا بحاجة إلى تعريف الطغاة بأكثر من ذلك لأنهم مِلئُ عيونِ الجميع صباحاً ومساءً، وإن محاولة توضيح ما هو مُدرَك بالعين والعقلِ تكلُّفٌ نحن في غنى عنه.

أرضية الاستبداد

إن الاستبداد لا يولد مع الإنسان بل يكتسبه اكتساباً كبقية الصفات الخُلُقية، وأكبر مغذيات الطغيان هي البيئة التي ينشأ فيها الإنسان، فهي تلعب دوراً كبيراً في تغيير سلوكياته إذا كثُر في المجتمع متعاطوه، فيكون أمنيةً لكثير من أفراد المجتمع، لأنه يرى بأم عينه ما يفعل الطغاة بالناس من القهر والقمع،  فيظن أن ذلك أمر طبيعي من لوازم السلطة، فمن لم يقهر لا ينقاد له الناس، فقبل أن يصل إلى الحكم تكون نفسُه مشحونة بالكراهة والانتقام من الشعب، فإذا وصل إليه شَرع في تصيُّد الأخطاء حتى يتخذ ذلك مُبَرِّراً لما يرتكبه من الجرائم في حق الناس حتى يخافوه، فلا يزال الطاغية يمتهن الطغيان حتى يكون له سجية، فيسوء ظنُّه بالناس جميعاً، فالبريء عنده متهم حتى تثبت براءتُه، فلا يزال يزداد من الطغيان حتى يصل إلى درجة لا يجد راحته إلا على أشلاء الآخرين، فيتعطش للدماء وقهر الناس.

الطغيان إن صدر من الطاغية بطبعه فمفهوم، وهو المعروف عن الطغاة عبر الأزمنة المديدة لكن ظهر بعد رحيل المحتل عن بلاد المسلمين نوعٌ جديدٌ من الطغيان المصطنع، وهو أن بعض الرؤساء يتعاطى الطغيان لا أنه طبعه بل يفعله تَطبُّعا ترضية للدول الأعداء، فيقمع شعبه لا سيما المصلحين منهم متودداً بذلك إلى الأعداء الذين لا يريدون خيرا للشعوب المسلمة كما أخبرنا ربنا في كتابه (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) فكلما بالغ الطاغية في التضييق على الشعب في حرياته ارتفعت مكانتُه عندهم، فأشادوه بذلك في وسائلهم الإعلامية بأنه قائد مُلهَمٌ، ومن ثَمَّ دعَّموه بكل ما يحتاج إليه من السلاح والمال، وأبقوه على سدة الحكم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

فهذا النوع من الطغيان أشدُّ وقعاً وإيلاماً للأمة لأنه جاء ممن يُظن أنه يدافع عنها، ويتضاعف ألمه إذا كان صادراً بتعليمات وإرشادات من أعدائها، فلا يكون لهذا النوع من الطغيان حدود ينتهي إليه كما لا يكون أسبابه معروفة للأمة لأن الطاغية لا يقدر أن يفصح أنه إنما يفعل بهم ذلك بضغوطات عليه من سادته، ولكن يُظهر لهم أنه إنما يفعل ذلك حفاظاً على أمنها ضد الأفكار الهدامة والدخيلة على الأمة، وهو يعلم قبل غيره أنها غير موجودة فيهم، وبهذا يكون الشعب معاقباً بذنب غير موجود فيهم، ولا معروف لديهم.

 فهذا الطاغية جمع في طغيانه بين سوءتين: العمالة للأعداء وارتكاب جرائم العقاب في حق الشعب من غير سبب معلوم، فالطغيان وإن كان قبيحاً في أصله لكنه في حق هذا القائد أقبح، فهو بالنسبة لبقية الطغاة كالمنافق بالنسبة للكافر المعلن، فهما وإن استويا في الكفر إلا أن المنافق أكثر جرماً من الكافر، ولهذا فهو (أي المنافق) في الدرك الأسفل من النار يوم القيامة.

مشكلة الشعوب الشرقية

 مشكلة الشعوب الشرقية في هذه العصور المتأخرة أنها لا تقرأ، وإن قرأت فلا تفهم، أقول ذلك: لأنهم لو قرأوا تاريخ الشعوب الأوربية التي تنعم اليوم بالحرية الكاملة لعلموا أنها لم تحصل عليها بتفضل الحكام عليهم بها، بل أراقوا فيها الدماء، وبذلوا فيها كل غالٍ ورخيصٍ حتى وصلوا بها إلى مرحلة يصعُب العودة منها، ثم وضعوا من القوانين والنظم لحمايتها ما لا مطمع لحاكم أن يتجاوز بها حدوده في الحكم.

فاللوم يقع على الشعوب قبل الطغاة لأنها هي التي تصنعهم لخضوعها لهم، وعدم مطالبة حقوقها منهم، فالمعلوم أن الحق لا يُسترد ما لم يكن له مطالب، ومن ظنَّ أن إظهار المسكنة للطغاة قد تحملهم على الرجوع عن الطغيان، فقد سعى لتحصيل المسبب من غير أسبابه، بل الواجب على المصلحين الأخذ بالأسباب التي نصبها الله لتحصيل مسبباتها، إن الإكثار من لعن الطغاة، وسبهم، وبيان أخطائهم في الخفاء لا يصنع تغييرا أبداً، بل إن ذلك يُشجِّع الطغاة على الاستمرار في طغيانهم لعلمهم أن الأمة تسكت على ما هم عليه من الطغيان خوفاً منهم، فيبالغون في ترويعهم، وتخويفهم حتى ينقطع أملُهم في الإصلاح، فيرضون بما هم فيه كأنه قدرهم المقدور.

الطغيان وإن اختلفت أساليبُه لكن تتحد مضامينه

وهناك رواية يتناقلها المصريون أبا عن جد عبر الأزمنة، يقولون: قيل لفرعون ما الذي فرعنك حتى ادعيت الألوهية، فقال: أنا أعلم أنني لست بإله ولكني وجدت ظهوراً مهيئة للركوب، فركبتُها أي أن الشعوب هي التي أوصلته إلى الألوهية، وقد حكى الله في كتابه أن فرعون كان يعلم من قرارة نفسه أن ما جاء به موسى عليه السلام حق من الله، وإنما جحد ذلك تكبراً، وعناداً، وفي ذلك قال تعالى: (فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين. وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً فانظر كيف كان عاقبة المفسدين). ومن باب أولى أنه كان يعرف حق المعرفة أنه لم يكن بإله.

 ولم يكن فرعون استثناءً من الطغاة بل في كل العصور من هو على شاكلته لا يختلفون عنه في المضمون، وإن تفاوتوا في الأساليب في تثبيت الطغيان على الجميع (أتواصوا به بل هم قوم طاغون) وقد رأيت بأم عيني ما يَفعل الناسُ في كوريا الشمالية، وهم مصطافون لاستقبال رئيسهم، وكلهم يبكون بتكلف، ويضربون على خدودهم يتظاهرون أن محبتهم للرئيس بلغت بهم إلى حد الجنون، لأن من لم يفعل ذلك صارت حياتُه في خطر لأن الكاميرا تُوثِّق كل تصرفاتهم حين مرور الرئيس عليهم، وقد أُعدِم أحدُ جنرالات الجيش حين غلبه النعاس، والرئيس يخطب، ولعله النوم غلب عليه لأنه لم ينم ليومين لأجل إعداد الحفل.

الأركان التي يعتمد عليها الطغاة في تنفيذ مخططاتهم

هناك أعمدة وأركان تعتمد عليها الأنظمة الاستبدادية، ولولاها لما استطاعت أن تنفذ أجندتها في المجتمع، وإلا فالواحد أضعف من أن يسيِّر بمفرده أمة بأكملها على هواه، ولكنه يستأجر بأصناف من المجتمع من عديمي الضمائر على تحقيق طموحاته مقابل مصالح محدودة خاصة بهم، والأعمدة للأنظمة الاستبدادية كثيرون، ولكننا هنا نُنبه على أصناف ثلاثةٍ، هي أبرزها، وهم الانتهازيون، وعلماء السلاطين، والجهلة.

أما الانتهازيون فهم الذين يدفعون الطغاة إلى الإقدام على كبت الناس، ومصادرة الحريات، واتخاذ كل وسيلة تُحقق تلك الغاية مصورين لهم أنهم كلما بالغوا في ذلك أمكن لهم أن يستمروا في السلطة بأكبر مدة.

وأما الجهلة ـ وهم العساكر ـ فدورهم في هذا الموضوع أنهم هم المنفذون، فعندهم الطاعة العمياء، فلا يعرفون شرعاً، ولا يراعون في الشعب إلَّاً ولا ذِمة، كل ما عندهم تنفيذ الأوامر الصادرة إليهم من الجهات العليا حرفياً بصرف النظر عن طبيعة تلك الأوامر، هل هي لصالح المواطن أم لا.

وأما علماء السلاطين فدورهم التبرير للطغاة في كل ما يرتكبون في حق الشعب من الاضطهاد والقمع على أنها تتفق مع الشرع، وأنه لا يلحقهم فيها إثم لأنها لضبط الأمن، والاستقرار، ومنع الفوضى، وذلك كله لصالح المواطن.

الصنف الأول: الجهلة

من الأركان التي يعتمد عليها الطغاة في طغيانهم الجهلة، وهمم أهم الأصناف، ومعظمهم من العساكر، وعقيدتهم التي يؤمنون بها هي الطاعة العمياء التي تتمثل في تنفيذ الأوامر الصادرة إليهم من الجهات العليا بصرف النظر عن طبيعة تلك الأوامر وتبعاتها، فذلك ليس من مهامهم، ولهذا فهم يحظون باحترام  لدى الطاغية لأنهم ذراعه الأيمن في تثبيت حكمه، ولا يزال الطاغية يستكثر منهم في حكومته حتى يكونوا هم السواد الأعظم في كل مفاصل الدولة.

 ويمتاز هذا الصنف على غيره من الأصناف الأخرى أنهم مخلصون للنظام من قبله لأنهم يدركون تمام الإدراك أنهم لم يكونوا بشيء قبل هذا النظام إذ ليس معهم مؤهلات تؤهلهم لتولِّي المناصب التي هم عليها الآن، وذاك هو  الذي يحملهم على الطاعة العمياء للنظام، والنظامُ يعرف ذلك لهذا لا يمل من تذكيرهم به دائما في الاجتماعات الخاصة بهم حتى يعلموا جيدا أن بقاءهم مرتبط ببقاء النظام، فلولا هذا النظام لم يكن لأحدهم موضوع قدم في الحكومة، فهذا الرسالة مفادها: استبقوني في الحكم أبقكم على مناصبكم، فالمصالح بيننا متبادلة، فالكل يعمل لمصلحته، ولا شكك أن ذلك يزيد من تفانيهم في خدمة النظام بإخلاص منقطع النظير، والتعاون بين الطرفين على هذه الطريقة هو الخراب بعينه، لهذا قال النبي r (إذا أسند الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة).

 ومن أجل ذلك فبلداننا تراوح في مكانها الذي كانت عليه يوم الاستقلال لأنها تقاد بعقلية ترى أن الحرية تعني التمرد على النظام، وأن التطور والتقدم يُضعفان مِن ولاء الناس للنظام والانقياد له. فالحكومات الاستبدادية تبقى لأطول فترة مع أنها لا تَحظى بقبول من المجتمع، ولا تستند في وجودها إلى شرعية دستورية، ولهذا فكل تصرفاتها تجري في الاتجاه المعاكس، فتستمر الأمور حتى إلى طريق مسدود.

ومن الأمثلة على ذلك أن الدكتاتور محمد سياد برى بعد حرب عام (1977م) ضعفت حكومته، وتكررت محاولة الانقلاب عليها، فأسس جهازاً متعدد المهام سماه (جُولْوَدَي) أي قائد النصر، وعامتهم من الجهلة، فوزَّعهم على جميع الدوائر الحكومية عيوناً عليها من قبل النظام، ثم تحوَّل ذلك لجهاز في الأيام الأخير من عُمر الحكومة إلى ما يشبه بقوات التدخل السريع حيث أوكل إليه فض النزاعات، وإخماد الثورات التي كانت تندلع من هنا وهناك، وكان الرئيس يضع ثقته في هذا الجهاز أكثر من أيِّ جهاز آخر لأنه هو الذي صنعه على عينه، وعلى طريقته الخاصة، وجعله تحت رئاسة مَن يثق به من  جنرالاته، وهو زوج إحدى بناته، ليكون عوناً له على الاستمرار في الحكم، هذا ما أرده النظام، ولكن الشرخ الذي أحدثه النظام في المجتمع الصومالي كان أكثر من أن يضمده جهاز مهما كانت إمكاناته وقدراته، فجرائم النظام قد فاقت كلَّ التصورات، فامتلأ إناؤُه حتى فاض، فتعالت أصواتُ الشعب من هنا وهناك لإسقاطه، فثارت القبائل عليه دون أن يكون لها هدف غير إسقاطه، فتم لها ما أرادت، وكانت في نية كل قبيلته أن تحكم  البلاد بمفردها، وإن لم يتسنَّ لها ذلك، فلا أقل من منع القبائل الأخرى من الوصول إلى حكم البلاد، ولو أدَّى ذلك أن تبقى البلاد من دون رئيس إلى الأبد، لئلا تعاني فيما زعمت من التهميش والاضطهاد لعشرين سنة قادمة، فدخلت الصومال في دوامة ليس لها أول ولا آخر بسبب تلك القبائل، فكل قبيلة كانت تسعى لمصلحتها لا لمصلحة الوطن (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) .

الصنف الثاني: الانتهازيون (النفعيون)

والانتهازي في المعاجم اللغوية: من يستغلُّ الفرص لصالحه دون اعتبار الغير والمصلحة العامة. أي لا يهتم إلا بما فيه نفع له، فيركبون كل الموجات، ويتوددون إلى الطاغية بمساعدته على فعل كل ما يهواه من القهر، ويدلونه على وسائله، والتفنن فيه ما لم يكن بحسبانه، فيحظون عنده مكانة لم يحلموا بها.

الانتهازيون هم في الأصل أناس ذو مواهب متعددة، وقدرات عقلية خارقة يجمعون في تصرفاتهم كل المتناقضات، والواحد منهم عبارة عن أشخاص في شخص، فهو عند المواجهة شخصية مسالمة، وعند التنازع والخصام شخصية متسامحة، وعند العوز، والفقر عطوف رحيم، يحاول قدر الإمكان كسب ودِّ كلِّ الأطراف المتباينة خوفاً عليه من تقلب الزمان ورجحان الكفة لغير من هو معهم، فهم على هذا منافقون بامتياز (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون) وهذا ما جعل مواقفهم غير واضحة لتبقى حبالهم ممدودة إلى كل الأطراف حتى لا يتم تصنيفهم على جهة معينة، كل ذلك ليجعلوا لأنفسهم خط الرجعة.

كل شيء عند الانتهازي أوالنفعي معروض للمقايضة بما فيه المبادئ والثوابت، والوطن، والقيم والأخلاق لا يخجل منه، بل يدورون مع المصلحة حيثما دارت، فهم دائماً مع من تترجح كفته، ولهذا تجده يتعاطى كل المذاهب ظاهراً، وليس له في الباطن مذهب معين بل مذهبه مصلحته لا غير.

ليس للانتهازي خط أحمر

وإذا اطمأن الانتهازي للرئيس كشف له جميع أوراقه، وأنه مستعد لارتكاب كل الموبقات لتنفيذ كل المهام التي تُكلَّف بها بصرف النظر عن الشرخ الذي تُحدثه في الأمة، وعن الأضرار التي تترتب عليها، وعليه فهو بذلك عميل بامتياز أيضاً، فالعميل ليس له مبدأ يدافع عنه، فمبدؤه يكمن في أن تكون مصالحه مضمونة مقابل كل عمل يقوم به، كما لا يوجد عنده ممنوع يخشى من ارتكابه بل المطلوب أن يكون الفعل مأمورا به.

والرؤساء يتعاملون مع هذا الصنف بحذر شديد لعلمهم بأنهم كثيرو التقلب، فيمكن أنه إذا وجَد عَرْضاً مُغرياً ضد الجهة التي يعمل معها  لن يتردد في قبوله لأن المعيار عنده أن من يدفع له أكثر يكون هو الأحق بالخدمة، ولهذا تتم مراقبته باستمرار خوفاً من أن يستغل لصالح طرف آخر لأنه رجل ذو وجوه، فكما أنه يعمل هذا اليوم لصالحك، فقد يعمل للطرف الآخر غداً، فهو كما قلنا سابقاً يلعب بكل الحبال، ويركب كل المخاطر.

الصنف الثالث: علماء السلطان

هذا الحديث الذي ذكرته هنا عن علماء السلطان مأخوذ من كتابي          (أصناف الدعاة) لأن علماء السلطان هناك هم العلماء هنا، فالهدف واحد، وقد أجريت عليه بعض التعديلات عليه، فعلماء السلطان: مصطلح قديم يُفهم معناه من لفظه، فهو باختصار يعني توظيف الدين لتبرير مواقف السلطان، أو أنه إخراج باطل السلطان في صورة الحق من أجل إقناع الناس به.

الأنظمة الاستبدادية للأسف الشديد تُسكِّت أصوات الناصحين، وتقمع المحايدين، فلا يبقى معها إلا المُطبِّلون المتنفعون، فمازالوا يُمجِّدون النظام، ويرفعونه فوق المساءلة حتى يَظُن النظام أنه هو هكذا، وأنه ليس بحاجة إلى مراجعة نفسه من أجل الوقوف على موضع الخلل، فيستمر الوضع على ذلك ردحاً من الزمن، فتتراكم الأخطاء المميتة عليه حتى تتداعى أركانه للانهيار والسقوط، فيحاول النظام إيقاف ذلك، فلا يستطيع لأن الوقت قد فات، فقد وصل إلى نقطة لا عودة منها، وعندئذ يدرك أن هؤلاء المطبلين هم من خدعوه بالألقاب، والأوصاف المضللة التي شغلته عن رؤية الحقيقة، فينتقم منهم أشدَّ انتقام، ثم يذهب ذلك النظام والداعية المطبل معا إلى مزبلة التاريخ.

فكما أن النفاق لا ينشأ في الأمة إلا في زمان قوتها، فكذلك علماء السلاطين لايظهر دورهم إلا في وقت انحراف الحكومات وفسادها، وإلا فإن كانت الحكومة عادلةً، فكل العلماء معها يؤيدونها تقرباً إلى الله بذلك لا تزلفاً، فيتفانى في اختراع الألقاب والأوصاف ما لا يخطر ببال أحد منهم، والأنظمة الاستبدادية تَعرف قبل غيرها أنها ليست كذلك لكنها لا تمانع لأنها بحاجة إلى تلك التلميعات، ولو كانت زائفة، فقد يغترُّ بها بعض العوام من البسطاء والرَّعَاع الذين يُصفقون لكل مُطبِّل لتستخدمهم في وجه المعارضة، ولتقول لهم: إذا كنتم تعارضوننا فهناك من الشعب من يؤيدوننا،  فليس لكم أيتها المعارضة أن تفرضوا رأيكم على الجميع، وبذلك تظهر الحكومة عقلانية.

ولأجل إيقاع العالم في الشرَك يتم عرض الوظائف المرقومة عليه واحدةً تلو الأخرى ليسكت عن تجاوزاتها التي طالما كان العالم ينتقدها قبل توظيفه حرصاً منه على راتبه الذي بدأ يتقاضاه من النظام، فتحمده الحكومة على هذا الموقف الجديد، وتطالب بقية العلماء بأن يكونوا مثله في اتخاذ ذلك الموقف الحيادي، ثم ينتقل العالم بعد ذلك من الموقف الحيادي إلى موقف الدفاع عن الحكومة لأنه صار جزءاً منها يناله من النقد ما نالها، فيتعين عليه أن يدافع عنها لأن دفاعه عنها هو دفاع عن نفسه، فيضع نفسه مع الحكومة في خندق واحد، إذ لا مفر له من الاحتماء بالحكومة حتى يستقوي بها ضد الشعب المتهجم عليه بحيث يتعرض العالم للإهانة والنقد علناً من المجتمع لسقوط هيبته وكرامته، فيحمله ذلك مزيداً من الاستسلام والرضوخ لمطالب الحكومة حتى يكون على استعداد تام لتبرير كل المواقف التي تتخذها الحكومة، ولوكان ذلك على حساب ثوابت الدين وكلياته، فليس له هم إلا الدفاع عن سياسات الحكومة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: « ومن أتى أبواب السلطان افتَتن »([1]). وفي رواية: (ومن لزم السلطان) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r : «وما ازداد أحد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعداً»([2]). وهذا ينزل على السلطان الجائر توفيقاً بين الأدلة.

إن علماء السلطان يُصرِّون على تبرير فساد الطغاة مع علمهم بعواقبه الوخيمة المؤدية إلى خراب الدارين، ولا يسلم منه علماء السلطان أنفسهم بل هم أول من يكتوي بناره قبل غيرهم، فلانعدام الوازع الديني لديهم سائرون عليه بحيث لا يشعرون بخجل أن يُقرِّروا اليوم ما نفوه أمس غير مبالين بعواقب ذلك على سمعتهم، لأنه فقدوا الأمل في العودة إلى الوراء، فليس أمامهم إلا الاستمرار في ذلك الطريق الذي اختاروه لأنفسهم من مغازلة الحكومة.

وأكبر مصيبة تحُلُّ بهذا الصنف من دعاة السلطان أن الحكومات إذا أدركت أن سمعته قد تلطخت بسبب التزلُّف، وأن الشعب قد لفظهم، ورماهم بحيث لم تَعُد لفتاويه أيُّ قيمة في المجتمع تضطر الحكومةُ هي الأخرى أن تتخلَّى عنه لأنه يصير عبئاً ثقيلاً عليها، فالحكومة التي كانت بالأمس القريب تتودد إليه لتستفيد من سمعته صارت اليوم تتضرر به، فتنأي نفسها عنه شيئاً فشيئاً حتى يحصل الطلاق البائن بينها وبينه.

وبعد طرده من جناب الحكومة يحاول أن يعود عالم السلطان إلى الخلف ليسترد سمعته السابقة عند الجماهير، فيتظاهر أنه هو الذي ترك الحكومة لفسادها، وليست هي من تركتْه ليتخذ بذلك عذراً عندها من جديد، ولكن هيهات، (فالصيف ضيعت اللبن) فالشعب لن يُخدع بأمثال هؤلاء مرةً ثانيةً، فإذا لم يجد جهة تقبله يضطر أن يركن للعزلة، وأن يعيش بقية حياته في غياهب النسيان والضياع إلى الأبد، فلا دين بقي له، ولا دنيا حصل عليها، فكانت عاقبة أمره خسراً، وهذه عبرة لكل علماء السلطان إذ من الحماقة أن يسير الإنسان في نفق انتهى بمن قبله إلى طريق مسدود، فالإنسان مأمور أن يعتبر بغيره، فإذا كان الخسيس هو من باع دينه بدنيا غيره، فأخس منه علماء السلطان لأنهم باعوا دينهم بدنيا غيرهم.

إن العالم الذي يُسخِّر جهده، وعلمه لتزيين النظام القائم وزخرفته ليُقنِع به الآخرين في وجه المصلحين، مثلُه في ذلك مثلُ إنسان يهدم سقف البيت الذي يستظله على رؤوس ساكنيه لكنه حين يقوم بعمله ذلك يُظهر للساكنين أن صنيعه هذا في البيت لإصلاحه، فيغرق هو في الوحل ويغرق معه غيره (واتقوا فتنة لا تصيبين الذين ظلموا منهم خاصة).

مصير الطغاة

هناك مصير محتم ينتظره كل الطغاة، فينتهي بهم في نهاية المطاف إلى عواقب وخيمة لأن الله تعالى لم يخلق الدنيا عبثاً حتى يترك هؤلاء الطغاة يفعلون في الناس ما يشاءون، فسنة الله في خلقه جرت على معاقبة المسيء على إساءته إن لم يتب منها، والمحسن على إحسانه (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها).

لكن قد يغترُّ بعض الظلمة بحلم الله في تأخير المؤاخذة على الذنب عند وقوعه، فيظن أنه في تصرفاته تلك على الصواب، وأن الله راضٍ عنه فيها، فيشجعه ذلك على الاستمرار فيه، ويغفل، أو يتغافل أن الله قد يؤخر العقوبة عن العبد فيما ارتكبه من الذنوب استدراجاً منه، قال تعالى: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. وأملي لهم إن كيدي متين). وإذا حان وقت المؤاخذة أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.

والقرآن الكريم حافل بذكر ما انتهى إليه الطغاة عبر التاريخ، ومما قصه الله علينا فيه قصة فرعون اللعين كبير الطغاة، فقد وصل من الطغيان غايته حتى ادعى الأُلوهية المطلقة (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى) وحينما حلَّت به العقوبة، وارتفعت مياه البحر فوقه كالجبل الطود انزاح عنه كل باطل كان في رأسه، فنطق بالحق الذي كان يجحده بلسانه، ويقره في قرارة نفسه، فقال: (آمنت بالذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين) ولكن كان ذلك بعد فوات الآوان، وليس الغرض من هذه القصص التي تتلى في الكتاب الكريم صباحاً ومساء التسلية بمعرفة تاريخ الأمم، وقطع وقت الفراغ بل إن الهدف منها هو أخذ العبر والعظات منها، والعاقلُ من وُعظ بغيره.

وأما مصير الطغاة في هذا العصر فأظهر من أن يُذكَّر به لأن صوره لا زالت ماثلة أمام أعين الجميع، فنهايتهم لا تخرج إما تصفيتهم من مقربيه اغتيالاً، أو خروجه من البلاد مطروداً بعد خروج الناس عليه، ثم الموت في الغربة، أووضعه في السجن بقية حياته بعد الانقلاب عليه من قبل من كان يعتمد عليه في تثبيت عرشه، أو تسليمه إلى المحكمة الدولية للجرائم التي ارتكبها في حق شعبه.

ومن باب التذكير أستعرض معكم بذكر بعض الطغاة في منطقتنا العربية والإسلامية فأريد أن أسألك كيف انتهى أمر محمد سياد برى في الصومال، وزين العابدين في تونس، وأنور السادات وحسن مبارك في مصر، وصدام حسين في العراق، والقذافي في ليبيا، وعلي عبد الله صالح في اليمن، وعبد العزيز بوتفليقة في الجزائر، ومحمد بن عبد العزيز في موريتانيا، والقائمة تطول، ومن كان منهم على سدة الحكم الآن ينتظرهم نفس مصير هؤلاء إن لم يتداركوا أنفسهم، ويعدلوا من سلوكهم.

بقلم/ عمر إيمان أبو بكر

للتحميل اضغط هنا

 

([1]) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه وأيضا صححه الألباني.

([2] ) رواه أبو داود والترمذي وأحمد وصححه الألباني في الجامع الصغير والسلسلة الصحيحة بطرقه.